الاثنين، 20 يوليو 2009

بركان الأزمة العالمية ... إلى أين؟


كم بدت الادعاءات والتصريحات المتفائلة تجاه محدودية تأثيرات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري سخيفة، وكم بدت أيضاً الوعود والتعهدات بأننا بمنأى إلى حد كبير عن ما يحدث من تداعيات لهذه الأزمة الراهنة بما إنتهجناه من سياسات اقتصادية وإصلاحات هيكلية، أرست حولنا قلاعاً متينة، تحمينا من حمم بركان هذه الأزمة العالمية ومن تداعياتها، كمن يحكي لطفل صغير حدوتة قبل النوم!.

فكيف نفسر كل ما حدث من هبوط لم نشهد له من قبل مثيل في البورصة المصرية وبورصات العالم، وما حدث من تباطؤ في معدلات النمو محلياً وعالمياً، وما يحدث حولنا من استمرار انهيارات أسعار العقار على الصعيد العالمي، وتباطؤ الاقتصاد العالمي بصفة عامة، ووجود المزيد من البنوك بأمريكا تُشهر إفلاسها كل فترة، والشائعات بأن ذلك يحدث لبعض فروع البنوك بمصر، وتزايد معدلات التضخم، وتزايد معدلات البطالة، وأن هناك شركات عالمية كبرى تُسرح عمالها، وأن لدينا العديد من الشركات أيضاً قد بدأت في الاستغناء عن موظفيها الدائمين وليس العمالة المؤقتة فقط..الخ.

كيف سنكون بعيدين عن حمم هذا البركان، هل نعيش في جزيرة وحدنا بمعزل عن العالم، وعما يدور فيه؟

لقد انفجر بركان الأزمة الاقتصادية العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن ظل يغلي منذ بداية القرن بفعل العديد من الأزمات المالية والأوضاع الاقتصادية السيئة، وفي مقدمتها عجز الميزانية، واختلال الميزان التجاري، وتفاقم المديونية الخاصة والعامة، إضافة إلى الارتفاع المستمر لمؤشرات البطالة والتضخم والفقر، وغيرها من العوامل التي تفاعلت جميعها معاً فتكون البركان وانفجر، ونفث حرائقه منذ منتصف شهر سبتمبر عام 2008م حتى اليوم، ولا يوجد أحد في ملاذ آمن منه الآن.

وكما يحدث في البركان كظاهرة طبيعية من تراكم المواد المنصهرة وانسيابها حسب نوعها، لتُشكل أشكالاً أرضية مختلفة، منها التلال المخروطية أو الجبال البركانية العالية، حدث مثل هذا في بركان الأزمة الاقتصادية، فكون تلالاً من الدمار لشركات ومؤسسات مالية كبرى تهاوت تماماً، وبنوك أفلست، ومؤسسات وشركات صناعية كبرى تحقق خسائر، وأخرى تسرح موظفيها، وانهارت معظم بورصات العالم، وتبخرت تريليونات (تريليون يساوي ألف مليار)، وطارت مليارات من جميع أسواق المال بلا رجعة، وهوت معظم دول العالم الكبرى إلى الحضيض، وفقد الملايين أموالهم، إما على هيئة أسهم أو مدخرات أو استثمارات، كما فقد أكثر من مليوني مواطن أمريكي ملكيتهم العقارية؛ نتيجة لتداعيات قطاع العقارات، وعدم قدرتهم على سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة، وأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية طيلة حياتهم، ونتيجة لتضرر المصارف الدائنة بسبب عدم سداد المقترضين لقروضهم، هبطت قيم أسهمها في البورصة، وأعلنت شركات عقارية عديدة عن إفلاسها، بخلاف العديد من الآثار السلبية التي انبعثت على دول العالم كلها، عابرة القارات محملة بالدمار والانهيار لبلاد ليس لها ذنب في حدوث هذا البركان، كل ما عليها أنها أصيبت بداء العولمة.
أقدم في هذا الكتاب رؤية تحليلية للوضع الاقتصادي القائم، ففي الجزء الأول منه يتم تحليل مفهوم هذه الأزمة الاقتصادية العالمية، وأسبابها، وآثارها على العالم ككل، ومقارنتها بالأزمة العالمية 1929م، للاستفادة من دروس الماضي، وما هي الحلول والمقترحات وسيناريوهات المعالجة التي تم عرضها واتخاذ البعض منها للخروج من هذا المأزق.
ثم أعرض في الجزء الثاني الموقف في مصر بصورة خاصة، وأثر هذه الأزمة على القطاعات الاقتصادية المختلفة، والأثر على البورصة المصرية.

وأخيراً أعرض في الجزء الثالث منه تعليقات رؤساء الدول والمؤسسات الكبرى على هذه الأزمة، سواء رؤساء الدول المتسببة عن حدوث هذه الأزمة أو رؤساء الدول التي شاركت في صنع الأزمة أو المسئولين بالدول المتأثرة بتداعيات هذه الأزمة، وكذلك عرض تعليقات بعض مشاهير الاقتصاديين في العالم، لعلها تشرح للمواطن العادي ما يحدث بصورة مبسطة قد تساعد في رسم سيناريو الغد.